شُرب الماء في الهدي النبوي

تتمثل الآداب النبوية في كيفية الشرب  في مجموعة من المستحبات الفعلية والقولية التي مارسها رسول الله ﷺ  بنفسه وأوصى بها وحث عليها ؛ أما الآداب الفعلية : فمنها أن يشرب باليمين ، وأن يشرب على جرعات يفصل بينها نَفس خارج الإناء ، وأما الآداب القولية : فمنها أن يقول : باسم الله، قبل الشرب؛ والحمد لله بعد الانتهاء من الشرب. تتمثل أيضاً؛ في مجموعة من المنهيات والممنوعات التي ذمها ونهى عنها عند الشرب ؛ كالشرب على جرعة واحدة ؛ والتنفس داخل الإناء ؛ وتناول الماء باليد اليسرى ؛ وغير ذلك .

المقال التالي يتناول المستحبات التي سنها الرسول الأكرم عند شرب الماء ؛ يتبعها عرض مفصل للممنوعات والمكروهات التي نهى عنها النبي ﷺ أثناء عملية الشرب.

كيف شرب رسول الله ﷺ ؟  

تحرص الوصايا النبوية والأحاديث الواردة في كيفية الشرب ؛ على أن يتناول الإنسان الماء بطريقة صحيحة ؛ وألا تكون سبباً في وصول الأذى إليه .. فيما يلي شرحا مفصلا للتوصيات التي حث عليها النبي ﷺ أثناء شرب الماء:

  1. البسمّلة قبل الشرب (أسرار قول "بسم الله "على الماء قبل الشرب)

ألّف الباحث الياباني مسارو ايموتو (Dr .Masaru Emoto)[1] العديد من الكتب في مجال أبحاث الماء.  وفي عام 1999، نشر كتابه " رسائل من الماء Messages from Water"  الصادر في عدة أجزاء ؛ شرح فيه نظريته حول حساسيه الماء وتأثر جزيئاته بكل ماحوله من مشاعر وافكار . وزود الكتاب بالعديد من الصور الفوتوغرافية التي التقطها لبلورات الماء تحت تأثير الكلمات والمشاعر والأفكار؛ وكتب عن قدرة الماء على التذكر ونقل أي نوع من المعلومات مثل الكلمات والدعاء والأفكار. وذكر أن هناك ذاكرة للماء  ؛ وأن الماء يتأثر بما يتعرض له من مؤثرات إيجابية أو سلبية؛ وأنه يختزن في داخله كل الأحداث والذبذبات التي  تجري حوله . وانطلاقا من ذلك كله أيد ( إموتو) نظرية (ذاكرة الماء) والتي سبق أن وصل إليها الفرنسي "جاك جنيفسه" والتي تنادي  بأن للماء ذاكرة تحتفظ بما يصل إليها من معلومات وانفعالات وأخبار ، ويمكنها نقل تلك المعلومات والانفعالات والأخبار من شخص إلى آخر سواء أكانت إيجابية أم سلبية.  


   [1] رئيس معهد هادو للبحوث العلمية في طوكيو ؛ ومؤسس نظرية تبلور ذرات الماء تبعا للمؤثرات الخارجية سواء كانت بصرية أو سمعية .   

ومن أفكار (ايموتو) أُستوحيت أحداث الفيلم " What the bleep do we know  " . بعد ذلك أصدر كتابه " الرسائل المخبأة في الماء The hidden messages in water  " الذي شرح فيه إمكانية استعمال خصائص جزيئات الماء في معالجة الأمراض . ولفت الى ان ذرات الماء تتسم بالقدرة على التأثير في أفكار الانسان وكلامه فالطاقة الاهتزازية للبشر والافكار والنظرات والدعاء والعبادة تترك اثرا في البناء الذري للماء.

قام (إيموتو) بتجارب هي الأولى من نوعها ؛ عندما أخضع قطرات الماء لترددات صوتية مختلفة ولاحظ أن ترتيب جزيئات الماء يتغير من تغير الترددات الصوتية.  وأدهش الباحث الياباني العالم بأسره ؛ عندما ذكر أن البسملة التي يستخدمها المسلمون في بداية أعمالهم وعند تناول الطعام وقبل الخلود إلى النوم لها تأثير عجيب على بلورات الماء ! فبعد أن قام  (إيموتو) بتعرّيض جزيئات الماء للبسملة ؛ أحدثت البسملة تأثيرا عجيبا في تشكيل بلورات الماء ؛ حيث تكونت بلورات فائقة الجمال لها تصميم رمزي غاية في الصفاء والنقاء. في غرفة باردة

[1] رئيس معهد هادو للبحوث العلمية في طوكيو ؛ ومؤسس نظرية تبلور ذرات الماء تبعا للمؤثرات الخارجية سواء كانت بصرية أو سمعية .

قام (إيموتو) بتجارب هي الأولى من نوعها ؛ عندما أخضع قطرات الماء لترددات صوتية مختلفة ولاحظ أن ترتيب جزيئات الماء يتغير من تغير الترددات الصوتية.  وأدهش الباحث الياباني العالم بأسره ؛ عندما ذكر أن البسملة التي يستخدمها المسلمون في بداية أعمالهم وعند تناول الطعام وقبل الخلود إلى النوم لها تأثير عجيب على بلورات الماء ! فبعد أن قام  (إيموتو) بتعرّيض جزيئات الماء للبسملة ؛ أحدثت البسملة تأثيرا عجيبا في تشكيل بلورات الماء ؛ حيث تكونت بلورات فائقة الجمال لها تصميم رمزي غاية في الصفاء والنقاء. في غرفة باردة وباستخدام مجهر قوي جدا ؛ قام (ايموتو ) بالتقاط صور مجهرية لعينات المياه بعد تجميدها . وكان قد طوّر تلك التقنية الحديثة لتصوير التغيرات التي تطرأ على بلورات الماء. ألا تلفت مثل تلك البحوث المدهشة أنظارنا إلى أن احتمالية أن تكون جزيئات الماء البديعة بالفعل تُحس وتعيّ ؛ وأنها بتشكيلاتها المختلفة تُعظم خالقها وتسبحه عن بصيرة ؛ ألا تذكرنا بقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [1]؟!!  


   [1] [الإسراء: 44]   

وبما ان جسم الأنسان يحتوى على 70% من كتلته ماء. فإن الإنسان المؤمن بالله يحمل شعوره الإيماني إلى الماء الذي يشربه؛ بالتسمية أولا وبالحمد آخراً .  وليس غريبا ان يوصينا رسول الله بالتسمية قبل الاكل فاذا كان الماء فى الكوب يتأثر بقول بسم الله فما بال جسم الانسان. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: ((لا تشربوا واحدًا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم)) [1]. وذكر الطّبرسيّ في المكارم، في أخلاق النّبيّ ﷺ  في مشربه: كان له في شربه ثلاث تسميات وثلاث تحميدات. قال السفاريني في غذاء الألباب: وَصِفَةُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّق: أَنْ تَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَتَشْرَبَ، ثُمَّ تُبِينَ الْإِنَاءَ عَنْ فِيك، وَتَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَتَتَنَفَّسَ خَارِجَهُ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ تَفْعَلَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ كَذَلِكَ. وقال الشوكاني في نيل الأوطار: ينحيه عن فيه مع الحمد لله، ويرده إلى فيه مع التسمية، فيتنفس ثلاثا، يحمد الله في آخر كل نفس، ويسمي الله في أوله.


   [1] رواه الترمذي وقال: حديث حسن   

وهناك حديث آخر يوضح الحديث السابق ، وفق ما مر معنا في شرحه ؛ فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيُنَحِّ الْإِنَاءَ ، ثُمَّ لِيَعُدْ إِنْ كَانَ يُرِيدُ )[1]. قال ابن القيم رحمه الله :" معنى تنفسه في الشراب : إبانته القدح عن فيه ، وتنفسه خارجه ، ثم يعود إلى الشراب . 


   [1] رواه ابن ماجة (رقم/3427) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/386)   

وكان النبي ﷺ يدعو ويحمد الله ويثني عليه عندما ينتهي من شُرب الماء . قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عثمان بن سعيد بن مرة ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن النبي ﷺ: أنه إذا شرب الماء قال : " الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته ، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا " .

بعض العلـماء الغربيين انتقدوا البحث الذي توصل اليه العالم الياباني والبعض أيده . ولكن انتقاد البعض لهذه الأبحاث لا ينفي حقيقة وجودها . ولا تعني عدم المنهجية العلمية في تناول الخبر إنكار ما قد تتضمنه من الحقيقة ؛ فقد اختفى الاعتقاد السائد بأن أساليب الطب البديل ينقصها الدليل العلمي الذي يثبت فعاليتها . وخير دليل على ذلك ؛ أن هناك الكثير من الأبحاث التي تعرضت للنقد من قبل علماء الطب ؛ ولا زالوا ينتقدونها ولا يعترفون بها ؛ رغم انتشارها على نطاق واسع وثبوت فائدتها من الناحية الطبية العملية  . على سبيل المثال لا الحصر العلاج بالابر الصينية . وأحد الأسباب خلف ضعف البحوث من هذا النوع ؛ نقص عدد الأبحاث بما يجعلها لا ترقى لحد القبول والثقة .  والواقع أن إجراء البحوث الكافية يتطلب جهات راعية ومؤسسات داعمة تنفق على الأبحاث ؛ كما تفعل شركات الأدوية . لكن ما هي الجهة التي قد ترغب في الإنفاق على بحوث تثبت حساسية الماء وأن للماء ذاكرة ؟ ما الفائدة التجارية وراء أبحاث من هذه النوعية ؟ إذا توفرت الشركات الدوائية الداعمة وأصحاب الأموال المموليين والمستثمرين ؛ توفر العدد الكافي من البحوث .  

ومن الذين انتقدوا نظرية " ذاكرة الماء" ؛ الكندي-الأمريكي جيمس راندي (James Randi ) صاحب مؤسسة جيمس راندي التعليمية ؛ الذي بدأ حياته كساحر ولاعب "ألعاب خفة اليد" على المسرح محققًا مستوى من الشعبية تحت اسم”راندي المذهل” ؛ ثم تحول إلى شكوكي علمي معروف بتحديه للعلوم الزائفة ومن يدعون امتلاكهم للقوى الخارقة . في عام 2003، عرض (جيمس راندي) على (ايموتو ) علنا

[1] [الإسراء: 44] [1] رواه الترمذي وقال: حديث حسن [1] رواه ابن ماجة (رقم/3427) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/386)

ومن الذين انتقدوا نظرية " ذاكرة الماء" ؛ الكندي-الأمريكي جيمس راندي (James Randi ) صاحب مؤسسة جيمس راندي التعليمية ؛ الذي بدأ حياته كساحر ولاعب "ألعاب خفة اليد" على المسرح محققًا مستوى من الشعبية تحت اسم”راندي المذهل” ؛ ثم تحول إلى شكوكي علمي معروف بتحديه للعلوم الزائفة ومن يدعون امتلاكهم للقوى الخارقة . في عام 2003، عرض (جيمس راندي) على (ايموتو ) علنا إعطاءه مبلغ مليون دولار إذا  من الحصول على نفس نتائج دراساته وتجاربه عن طريق اثباتها بتجربة منفصلة[1]، ولم يتم اثبات هذا بالتجربة حتى الآن. وفي عام 2005، نشر (كريستوفر سيتشفيلد) من قسم العلم الطبيعي في فيرمونت بحثا قال فيه ان (إيموتو) يتاجر بنظريته الجديدة ؛ ويتربح عن طريق ادعائاته، من خلال بيع قوارير ماء عبر موقعه بدعوى انها نقية وتحتوي على اشكال هندسية متناظرة، وهذا مما يشكك في نزاهة دعواه[2]. 


   [1] Talking to Water, Commentary, by James Randi, May 23, 2003. . [2] Review and analysis of Dr. Masaru Emoto's published work on the effects of external stimuli on the structural formation of ice crystals .   

عارض(ايموتو ) أيضاً عدد من العلماء العرب والمسلمين ؛ فيما أيده الدكتور ذائع الصيت في مجال الإعجاز العلمي " زغلول النجار"؛  ولكن جميع المعارضين  لم ينتقدوا نظرية "ذاكرة الماء" بذاتها وانما انتقدوا نظرية تشكل بلورات الماء باشكال جميلة وقبيحة حسب الكلام الذي يقال للماء ووصفوها بأنها " مزاعم " وهناك فرق كبير بين المسألتين . ونحن على أي حال ؛  نتأسى بهدي رسول الله ﷺ ونتبرك به ؛ سواء أدركنا الحقيقة العلمية الكامنة وراءه أم لم ندركها ؛ وسواء صدقت أبحاث (إيموتو) أم جانبها الصواب .

 ولكن ألا تذكرنا التوجيهات النبوية بضرورة البسملة قبل شرب الماء ؛ وكذلك تأثير الرقية و الحمد والدعاء وقراءة القرآن على الماء (الماء المقروء)؛ بإمكانية أن يكون لتلك الكلمات النورانية بالفعل  أثراً صحياً علاجياً ؟! ألا يُحتمل أن تتأثر جزيئات الماء الحساسة بنفث البسملة والكلمات الطيبة والرقى والدعاء فيحمل تشكيل الجزيئات المقروء عليها القرآن شيئاً من الشفاء والعافية لخلايا المريض ؟! هذا على مستوى الجسد . على مستوى الروح أيضاً ؛ لماذا يُستبعد أن يكون للبسملة تأثيراً نورانياً على جزيئات الماء وفقاً لنظرية الباحث الياباني (إيموتو)؟! فالمسلم إذا فعل ذلك، فقد قام بالسنة في هذا الباب، والسنة كلها خير وبركة، فيُرجى مثلاً أن يوفقه الله، ولا تتحرك ذرات جسده إلى معصية، وإن تحركت تمكن من دفعها ومجاهدة شهواته ؟! وأما أن يكون هذا ملازما لمن فعل ذلك، فلا يعصي أبدا، ولا يُصاب بالمرض أبداً ؛ فهذا من قول السفهاء على رسول الله بغير علم، فمن أين لقائله ذلك؟ هذه دعوى لا برهان لها.

اتفق العلماء أو اختلفوا ؛ فإن كوب الماء المُحمل بطاقة البسملة والحمد والإيجابيتين لابد أن ينقل شيئاً من العافية في البدن والسلامة في الدين ودرئ الضرر الجسدي والمعنوي؟؟! أدرك العلم ذلك أم لم يدركه . وهذا من مصاديق قول أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا ويقول: : إِنَّهُ أَرْوَى ، وَأَبْرَأُ ، وَأَمْرَأُ ) [1]  أروى (أكثر رياً وأبلغ نفعاً)، وأبرأ (أكثر شفاء)، وأمرأ (أكثر إساغة) قال أنس: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثاً. فقد كان ﷺ يرى أن ذلك أوفق للبدن وأنفع للمزاج.   


   [1] رواه مسلم (رقم/2028)   

2. تناول الماء باليد اليمنى 

نظمّت سُنن النبي ﷺ  القولية والفعلية وظائف اليدين ؛ فقد خصص ﷺ  اليد اليسرى للأعمال المُستقذرة القبيحة؛ واليد اليمنى للأفعال الكريمة الطيبة . ومن مظاهر هذا التخصيص ؛ حرص السُنّة النبوية الشريفة على إبعاد اليد اليمنى عن مجالا الأقذار والتلوث ؛ فقد نهى الرسول ﷺ  عن استخدام اليد اليمنى للاستنجاء لمنع تلوثها بالميكروبات التي تتواجد بوفرة في فضلات الانسان ؛  حتى أن الغرام الواحد من البراز البشري يحتوي على مئة ألف مليون خلية بكتيرية[1]  . قال ﷺ  : ( لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء ) [2] . فالتوجيهات النبوية لا تتسامح مُطلقاً في ضرورة  تطهير اليدين معا بعد الاستنجاء ؛ 


   [1] Hill (1971) J. Pathology, 104, 239   [2] رواه مسلم- صحيح مسلم.   

[1] Talking to Water, Commentary, by James Randi, May 23, 2003. .[1] Review and analysis of Dr. Masaru Emoto's published work on the effects of external stimuli on the structural formation of ice crystals . [1] رواه مسلم (رقم/2028) [1] Hill (1971) J. Pathology, 104, 239 [1] رواه مسلم- صحيح مسلم.

نظمّت سُنن النبي ﷺ  القولية والفعلية وظائف اليدين ؛ فقد خصص ﷺ  اليد اليسرى للأعمال المُستقذرة القبيحة؛ واليد اليمنى للأفعال الكريمة الطيبة . ومن مظاهر هذا التخصيص ؛ حرص السُنّة النبوية الشريفة على إبعاد اليد اليمنى عن مجالا الأقذار والتلوث ؛ فقد نهى الرسول ﷺ  عن استخدام اليد اليمنى للاستنجاء لمنع تلوثها بالميكروبات التي تتواجد بوفرة في فضلات الانسان ؛  حتى أن الغرام الواحد من البراز البشري يحتوي على مئة ألف مليون خلية بكتيرية[1]  . قال ﷺ  : ( لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء ) [2] . فالتوجيهات النبوية لا تتسامح مُطلقاً في ضرورة  تطهير اليدين معا بعد الاستنجاء ؛ ولكنها تُصرّ بالإضافة إلى ذلك على  تخصيص اليد اليسرى لأداء مهمة الاستنجاء . بينما تُخصص اليد اليمنى -  الأكثر نظافة والأبعد عن التلوث- لتناول أدوات التنظيف وفتح صنبور الماء أو غرف الماء من الوعاء خاصة لدى سكان الأرياف والبادية. يمنع هذا التنظيم الدقيق لاستعمال اليدين احتمال دخول آثار الفضلات في شقوق البشرة وطياتها وتحت الأظافر ؛ لإن كثير من الميكروبات المُمرضة يعيش تحت الأظافر الطويلة القذرة ويصل إلى الطعام عند عدم غسل اليد جيداً بعد التبرز . وهنا تتجلى القيمة الوقائية لهذا التخصيص النبوي وما له من أهمية لحفظ صحة الفرد ؛ ومنع انتقال الأمراض عبر الأيدي الملوثة وتفشيها في المجتمع. بل إن هذا التخصيص يمثل قاعدة رئيسة لوقف انتشار الأمراض والأوبئة ؛ وإبعاد الانسان قدر الإمكان عن مصادر العدوى والتلوث ؛ خاصةً في زمن لم يكن يتم فيه التنظيف بصورة جيدة لندرة الماء والصابون. ويجب أن نتذكر أن كل ما يتعلق بالميكروبات العالقة بأيدينا كان غيباً من الغيوب التي أظهرها الله إلى عالم الشهادة في القرن العشرين؛  وإخبار النبي بتلك التوجيهات الدقيقة لتفادي المخاطر التي تحملها تلك الكائنات الغير مرئية ؛ يُعد ولا ريب من مصاديق نبوته ﷺ ؛ ودليل قاطع على صدق رسالته ؛ إذ لا يمكن لبشر عاش في ذلك الزمان أن يعلم ما في الغيب إلا أن يكون يوحى إليه. 


   [1] Hill (1971) J. Pathology, 104, 239   [2] رواه مسلم- صحيح مسلم.   

وفي مواضع كثيرة من الهدي النبوي ؛ يتكرر تشديد الرسول ﷺ على ضرورة التمييز بين اليد التي يتناول بها المسلم طعامه وتلك التي يستنجي بواسطتها وتتعرض للتلوث بالبراز ؛ فالنبي الأعظم ﷺ  يؤكد على ضرورة استعمال اليد اليمنى للشراب والطعام ؛ وبيّن أن في ذلك مخالفة لفعل الشيطان ؛ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ  قال : " لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشربن بشماله ؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها "[1] . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ  قال : " ليأكل أحدكم بيمينه ؛ ويشرب بيمينه ؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويعطي بشماله ؛ ويأخذ بشماله " [2].  وتروي كتب السيرة أنه ﷺ  شاهد أحد الناس يأكل بيسراه فقال له : (كل بيمينك) ؛ فقال الرجل لا أستطيع ؛ فقال ﷺ  : ( لا استطعت) فما رفع يده إلى فيه بعدها [3]. 


   [1] مسلم في الأشربة (2020) 3/ 1598- 1599 /. وأبو داود في الأطعمة باب الأكل باليمين (3776) 3/349 /  والترمذي في الأطعمة باب النهي عن الأكل والشرب بالشمال (1860) وقال : حسن صحيح 3/166 /   [2] ابن ماجه في الأطعمة باب الأكل باليمين (3266) وفي الزوائد : إسناده صحيح ورجاله ثقات 2 / 1087 وقال المنذري : بإسناد صحيح.   [3] الحديث في صحيح الإمام مسلم (2021) من حديث سلمة بن الأكوع ولفظه: " إِنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْد رَسُول اللَّه ﷺ بِشِمَالِهِ فَقَالَ : كُلْ بِيَمِينِك , قَالَ : لَا أَسْتَطِيع , قَالَ : لَا اِسْتَطَعْت , مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْر , قَالَ : فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ ".    

ليس فقط كلماته النورانية ؛ فقد أظهر سلوكه العملي ﷺ التزامه بهذا التخصيص لوظائف اليدين ؛ ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها: ( كانت يمين رسول الله ﷺ  لطعامه وصلاته ؛ وكانت شماله لما سوى ذلك)[1] . وعن حفصة رضي الله عنها : ( أن النبي ص كان يجعل يمينه لأكله وشربه ووضوئه وثيابه وأخذه ؛ وعطائه ؛ ويجعل شماله لما سوى ذلك ) [2].  


   [1] البخاري في الوضوء باب التيمن في الوضوء والغسل (168) 1/ 323 – 324 / وكذا (426 و5380 و 5854 و 5926) في الصلاة والأطعمة واللباس . ومسلم في الطهارة (268) 1 / 226 / . و أبو داوود في الطهارة باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء ( 33و 34) .   [2] رواه أحمد في المسند 6 / 287 ؛ 288 / باسانيد . و أبو داوود في الطهارة باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء (32) 1 / 8 / .   

إن في تخصيص النبي ﷺ  اليد اليمنى - المُستبعدة عن المهام المستقذرة - لتناول الشراب؛ ما يدل ليس فقط على أعلي معايير النظافة المثالية التي ليس بعدها نظافة ؛ بل وعلى أعلى درجات الحس المرهف والذوق الرفيع  ؛ وبفضل تلك التعاليم المجيدة ؛ لا يستعمل المسلمون أيديهم اليسرى إلا لما كان من الأعمال المستقبحة والمهام التي يشوبها شئ من القذارة . فاليد اليسرى في حِس المسلم وطبعه مُخصصه للمهام التي لا يجب تنفيذها باليد اليمنى ؛ أو لمساعدة اليد اليمنى في أعمالها .

3. ارتشاف الماء وتمريره بهدوء بين الشفتين 

يقوم البعض في شهر رمضان المبارك بنشر بعض التحذيرات والخرافات التي لا أصل لها من الصحة، كالتحذير من شرب الماء دفعة واحدة، أو شرب الماء بارداً، بزعم أن ذلك يسبب تليف الكبد. ولكن الحقيقة أنه لا يوجد علاقة بين تليف الكبد وشرب الماء دفعة واحدة بارداً، أو بدرجة حرارة معتدلة ، أو غير ذلك، سواء بعد فترة صيام أو بدون صيام، هذه المعلومة التي راجت عبر وسائل التواصل الاجتماعي خالية من الصحة. بل ينبغي التأكيد على أهمية شرب الماء لترطيب الجسم خاصةً بعد ساعات الصيام الطويلة ؛ ولو كان شرب الماء دفعة واحدة يسبب تليف الكبد؛ لكان من المفترض أن يُصاب أغلب الناس بتليف في الكبد.!! 

يمر الماء من المرئ إلى المعدة ثم يُمتص من القولون ؛ وليس هناك أي مرور بالكبد ولا يمكن أن يؤدي إلى تليف الكبد . فالطعام يظل بالمعدة فترة ثم ينتقل إلى الأمعاء وكذلك الماء يظل بالمعدة على الأقل عشر دقائق - هذا إذا كانت المعدة فارغة تمامًا ثم ينتقل - إلى الأمعاء. أي أنك لو حاولت شرب الماء دفعة واحدة وكنت على عطش شديد فإن جل مايصل إلى الاثني عشر هو جزء منها وبعد عشر دقائق!! يعتمد ذلك على انقباضات المعدة وصمامها الموصل بالاثني عشر؛ فالمعدة ليست مفتوحة على الاثني عشر، و الاثني عشر ليس مفتوحًا على الكبد فى الظروف الطبيعية. وفي النهاية يصل إلى الأمعاء الدقيقة فالغليظة حيث يتم امتصاص الماء هناك تدريجيًّا وعلى مساحة واسعة. و لا تمتص الأمعاء الغليظة من المياه أكثر من احتياجات الجسم. كما أنّ المعدة لاتحتمل أكثر من سعتها، فلو أنك شربت لترين من الماء دفعة واحدة فلن يصل إلى الأمعاء أكثر مما تحتمل ؛ والباقى سيتم التخلص منه مع البراز.

بالرجوع إلى المعلومة الخاطئة التي يتم تناقلها ولا توجد أي دراسة علمية تؤيدها ؛ ينبغي تثبيت حقيقة أنّ الماء لا يسبب تليف بالكبد إطلاقاً . وأن المشروب الوحيد الذي يسبب إدمانه تليف الكبد هو الكحول ؛ لأن تليف الكبد عملية مزمنة تحدث خلال فترة طويلة يتم فيها تحويل خلايا الكبد الحية إلى ألياف غير فعالة. لذا فإن هذه المعلومة ليست سوى إشاعة مغلوطة لا بد من وقف نشرها، والتأكيد على أن من الهدي النبوي شرب الماء على ثلاث جرعات ؛ ولكن لا حرج شرعي ولا خطر طبي على الكبد من شربة جرعة واحدة .

ونحن لا نشكك في حسن نوايا أولئك الذين روجوا لتلك الخرافة العلمية ؛ ولكن نقول أنهم استندوا إلى حديث مشكوك فى صحته يقول بأن هناك علاقة بين شرب الماء بتلك الطريقة: "مصوا الماء مصا ولا تعبوا عبا , فإن الكباد من العب"[1] . وفي رواية أخرى أنه قال : " إذا شرب أحدكم فليمصه مصا ولا تعبوه عبا ؛ فإن الكباد من العب "[2] . 


   [1] رواه البيهقي, وابن السني و ضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير.   [2] أخرجه ابن عدي في الكامل والبيهقي في الطب من حديث أنس رضي الله عنه بسند ضعيف.   

بغض النظر عن درجة صحة الحديث ؛ فإن العَبَّ في اللغة هو تناول الماء جرعة واحدة أو بجرعات كبيرة ؛ وازدراده مباشرة عبر الحلق إلى التجويف المعوي . يُقال عَبَّ الماءَ عَبًّا : شَرِبَهُ بلا تنفُّس ومَصٍّ . وعبَّ في الماءِ أو في الإناءِ : أي كرَعَه . وتتوضح طريقة العب بما كان يفعله الرجل من أهل القرى والأرياف عندما يشرب من القارورة الفخارية (القُلّة) ؛ فيبعدها عن فمه ويميل رأسه للخلف ويسكب الماء منها في فمه مباشرة ؛ فينساب الماء في الحلق محدثاُ صوتاً يشبه نقيق البط . ومن البديهي أن الشارب بهذه الطريقة لا يرى ما يشرب ؛  وقد يخالط الماء الذي يشربه شيئ من الشوائب بل والحشرات أحيانا ؛ كما قد يدخل إلى جوف الإنسان بطريقة العب هذه كميات كبيرة من الهواء ؛ تزعج الجهاز الهضمي بالغازات ؛ فالهواء والماء كلاهما يمر من خلال البلعوم أثناء جرع الماء بهذه الطريقة . كما أن شرب كميات كبيرة دفعة واحدة يسبب انتفاخا في المعدة ؛ قد يوصل إلى ترهلها مستقبلاً، بينما لا يتسبب شرب الشخص دفعات متتالية في ذلك.

أما المص أو الارتشاف ؛ المُوصى به في الهدي النبوي ؛ فيقتضي أن تتم عملية  الشرب بهدوء وروية وبكميات قليلة نظرا لانطباق الشفتين جزئياً ؛ بحيث لا يسمح إلا بمرور بطئ للماء . ويمنع ابتلاع كمية كبيرة من الهواء مع المياه. وأغلب الظن أن هذا هو وجه الحقيقة العلمية  .

[1] رواه البيهقي, وابن السني و ضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير. [1] أخرجه ابن عدي في الكامل والبيهقي في الطب من حديث أنس رضي الله عنه بسند ضعيف.

في ذلك الحديث إن صح . فالنبي ﷺ ربما يحذر من كرع الماء جرعة واحدة لهذا السبب ؛ وليس لأن شرب الماء على جرعة واحدة يسبب تليف الكبد.

4.الشرب على ثلاث جرعات

روى الترمذي عنه ﷺ: “لا تشربوا نفساً واحداً كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسمّوا إذا أنتم شربتم، واحمَدوا إذا أنتم فرغتم”. وكيفية الشراب ثلاثاً أن تقول: (بسم الله الرحمن الرحيم)، وتشرب أول مرة شربة قليلة، وترفع وتقول الحمد لله، ثم ترفع ثانية وتقول: (بسم الله الرحمن الرحيم)، وتشرب شربة متوسطة، ثم ترفع وتقول: (الحمد لله)، ثم ترفع الثالثة، وتقول: (بسم الله الرحمن الرحيم)، وتشرب ما استطعت ثُم ترفع وتقول: (الحمد لله)، فذلك أوفق للبدن وأنفع للمزاج.

صحيح أنه من السُنة أن يشرب المسلم على ثلاث مرات، يسمي في كل مرة، ويحمد الله بعدها؛ لكن هذا لا يعني أن شرب الماء جرعة واحدة يسبب تليف الكبد . بل يعني أن الشرب على جرعات أفضل ؛ صحياً وذوقياً ؛ من أن يعبُّ الإنسان الماء عبَّاً كالبعير . ولهذا عندما امتدح النبي ﷺ  الشرب على ثلاث دفعات ؛  قال أن ذلك " أروى وأمرأ وأبرأ "[1]. والله تعالى أعلى وأعلم .  


   [1] البخاري في الأشربة ؛ باب الشرب بنفسين أو ثلاثة (5631) 10 / 95 / وليس فيه "وكان يقول" ؛ ومسلم في الأشربة (2028) 3 / 1602- 1603 / وأبو داود في الأشربة باب الساقي متى يشرب (3727) 3 / 338 / والترمذي في الأشربة باب ما جاء في التنفس في الإناء (1945) وقال : حسن و (1946) وقال : صحيح ؛ وليس فيه " وكان يقول"3 / 201 / وفي الشمائل (211و214).   

أما الخطأ الثاني الذي سقط فيه مروجي هذه المعلومة الخاطئة ؛ فهي أنهم ظنوا أن " الكِباد " الكباد هو تليف الكبد . بينما "الكِباد" في اللغة يعني آفة في الكبد ؛ أو إشارة إلى علة تصيب وظائف الكبد  ؛ والمقصود أن عب الماء عبا يؤذي الكبد بشكل من الأشكال ويؤثر على عمله ؛ فهناك أمراض عديدة تصيب الكبد غير التليف. بل إن هناك من الفوائد الصحية لارتشاف الماء وتمريره بهدوء بين الشفتين ؛ وتقسيم شربه على ثلاث جرعات صغيرة ؛ لا على جرعة كبيرة واحدة ؛ ما يتجاوز حفظ الكبد وتأمين سلامته ؛ من ذلك :

  1. ضمان الشرب ببطء وهدوء  :

يوفر التأني والتروي أثناء الشرب دخولا آمنا للماء إلى المعدة ؛ بينما يؤدي سكب الماء في الفم مع ميلان الرأس إلى الخلف إلى دخول الماء إلى المعدة بسرعة محدثا تقلصا في المعدة ؛ وسريان الماء مباشرة إلى الاثنى عشر والأمعاء الدقيقة . وما من وسيلة سهلة وبسيطة لإرغام النفس على شرب الماء ببطء وإلزامها بالهدوء والتروي ومنعها من ازدراد الماء دفعة واحدة أثناء عملية الشرب ؛ مثل الشرب عن طريق الارتشاف أو المص. فعندما يحاول الإنسان امتصاص سائل ما ؛ فإنه يُرغم على أن يشرب بهدوء وروية وبكميات قليلة ؛ نظرا  لان الانطباق الجزئي للشفتين  لا يسمح بمرور الماء سريعا ؛ بل يعمل على إدخال الماء إلى الجوف بهدوء وانسيابية .

2. حتجاز الشوائب ومنع ابتلاعها : 

تعمل الشفتان - أثناء عملية الارتشاف – على احتجاز ما علق بالماء من شوائب قد لا يراها الشارب  , ولهذا نهى الهدي النبوي عن عب الماء إي إزدراده دفعة واحدة لأن الماء قد يخالطه الكثير من الشوائب التي يمكن أن تدخل بسهولة مع الماء إذا شرب بطريقة العبّ.

[1] البخاري في الأشربة ؛ باب الشرب بنفسين أو ثلاثة (5631) 10 / 95 / وليس فيه "وكان يقول" ؛ ومسلم في الأشربة (2028) 3 / 1602- 1603 / وأبو داود في الأشربة باب الساقي متى يشرب (3727) 3 / 338 / والترمذي في الأشربة باب ما جاء في التنفس في الإناء (1945) وقال : حسن و (1946) وقال : صحيح ؛ وليس فيه " وكان يقول"3 / 201 / وفي الشمائل (211و214).

من جهةٍ أخرى ؛ ارتشاف الماء وتمريره بهدوء عبر الشفتين ؛ يرغم الشارب على التوقف للاتقاط الأنفاس ؛ ويوفر فرصة لتقسيم كمية الماء إلى جرعات وعدم شربها دفعة واحدة ؛ وفي ذلك إتباع لهدي آخر من الهدي النبوي ؛ عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ: كان يشرب في ثلاثة أنفاس، إذا أدنى الإناء إلى فمه سمى الله تعالى، وإذا أخره حمد الله تعالى، يفعل ذلك ثلاث مرات[1]. قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ في ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ بِالتَّسْمِيَةِ في أَوَائِلِهَا، وَبِالْحَمْدِ في أَوَاخِرِهَا.  


   [1][1] أخرجه الطبراني، وحسن إسناده الحافظ  ابن حجر في فتح الباري، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة: حسن صحيح.   

3.تجنب التعرض للشرقة او الغصة :

من أمثلة الربط التعسفي بين نص الحديث الذي يحاول الباحث إثبات وجه الإعجاز فيه وبين الحقائق العلمية , محاولة تفسير مخاطر " عبّ الماء " بالقول بأن كتم النَفس لمدّة طويلة أثناء الشرب يؤدي إلى تجمع الهواء داخل الرئتين مسبباً انتفاخهما وبالتالي تضخّم الرئتين . ومع الاستمرار في تكرار هذه العملية ؛ يحدث  انسداد مزمن في مجرى الهواء . وهو  المرض الذي يُعرف بــ " الدَّاءُ الرِّئَوِيُّ الانسدادي المُزْمِن"  و يرمز له بالاختصار COPD من ( Chronic Obstructive Pulmonary Disease) . يذكر الدكتور عبد الرازق الكيلاني في كتابه " الحقائق الطبية في الإسلام" أعراض هذا المرض بالتفصيل كنتيجة لعبّ الماء : " إذا اعتاد الإنسان على حبس نفسه مدة طويلة أثناء الشرب؛ واتخذ من ذلك السلوك عادة له ؛ فصار يعبُّ الماء عبَّاً كالبعير ؛ فقد تظهر عليه أعراض انتفاخ الرئة ؛ فيضيق نَفَسُه عند أقل جهد, وتزرق شفتاه وأظافره , وقد تضغط الرئتان على القلب فيصاب بالقصور, وينعكس ذلك على الكبد فيتضخم محدثا الاستسقاء والوذمات –التورم المائي- في جميع أنحاء الجسم" . [1]   


   [1] د /عبد الرازق الكيلاني : الحقائق الطبية في الإسلام ؛ دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع بدمشق ؛ 1996م.   

ويتميز " الدَّاءُ الرِّئَوِيُّ الانسدادي المُزْمِن" بانسداد الشعب الهوائية وقلة تدفق الهواء بشكل مزمن وقصور في وظائف الرئة. ويتفاقم هذا القصور تدريجياً وهو غير قابل للرجوع كلياً بواسطة الأدوية الموسعة للشعب الهوائية . و يُعدّ التدخين السبب الرئيس لهذا المرض ولا يمكن أن يحدث بسبب حبس التنفس أثناء الشرب مهما تكرر حدوث ذلك . أما وجه الخطورة الحقيقية على المجاري التنفسية والرئتين بسبب عبّ الماء ؛ فيكمن في إمكانية دخول شئ من الماء أثناء الشرب للقصبة الهوائية بدلاً من البلعوم ثم المريء ؛ فتحدث الشرقة أو الغصة (Choking) بسبب شرب كمية كبيرة من الماء دفعة واحدة فتغلق مجرى الماء فيغص الشخص به . وقد تحدث الغصة أيضاً بسبب العصبية او ضعف عضلات البلعوم والمريء .

والشرقة أو الغصة  من الإصابات التى قد تبدو بسيطة فى ظاهرها لكنها خطيرة جداً ، لا يُستهان بها لأنها تفقد الإنسان وعيه أو تسبب له السكتة القلبية. والنبي ﷺ  لا يريد لأفراد أمته مجرد احتمالية التعرض لكل هذه المعاناة ؛ لذا نصحهم أن يمصوا الماء مصاً ؛ حيث تحول عملية امتصاص (ارتشاف) الماء دون ابتلاع كمية كبيرة من الهواء أثناء الشرب. إن هديه ﷺ في شرب الماء يضمن ابتلاع  كميات قليلة من الماء ؛حيث كان ﷺ  يرتشف الماء على ثلاث دفعات بهدوء وبطء ، مع أخذ نفس خلال الشرب، والتنفّس بالطبع يكون خارج إناء الشرب، ومن ثمّ يواصل الشرب حتى الارتواء. قال المناوي في فيض القدير: كان يشرب ثلاثة أنفاس، يسمي الله في أوله، ويحمد الله في آخره؛ أي يسميه في ابتداء الثلاث، ويحمده في انتهائها. وفي تبرير حثه على الشرب على ثلاث دفعات ؛  قال ﷺ أن ذلك " أروى وأمرأ وأبرأ "[1]. وكيف لا يسبق هدي الأنبياء علم العلماء ؟ !! 


   [1] البخاري في الأشربة ؛ باب الشرب بنفسين أو ثلاثة (5631) 10 / 95 / وليس فيه "وكان يقول" ؛ ومسلم في الأشربة (2028) 3 / 1602- 1603 / وأبو داود في الأشربة باب الساقي متى يشرب (3727) 3 / 338 / والترمذي في الأشربة باب ما جاء في التنفس في الإناء (1945) وقال : حسن و (1946) وقال : صحيح ؛ وليس فيه " وكان يقول"3 / 201 / وفي الشمائل (211و214).   

[1][1] أخرجه الطبراني، وحسن إسناده الحافظ  ابن حجر في فتح الباري، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة: حسن صحيح. [1] د /عبد الرازق الكيلاني : الحقائق الطبية في الإسلام ؛ دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع بدمشق ؛ 1996م. [1] البخاري في الأشربة ؛ باب الشرب بنفسين أو ثلاثة (5631) 10 / 95 / وليس فيه "وكان يقول" ؛ ومسلم في الأشربة (2028) 3 / 1602- 1603 / وأبو داود في الأشربة باب الساقي متى يشرب (3727) 3 / 338 / والترمذي في الأشربة باب ما جاء في التنفس في الإناء (1945) وقال : حسن و (1946) وقال : صحيح ؛ وليس فيه " وكان يقول"3 / 201 / وفي الشمائل (211و214).

5.طرد هواء الزفير خارج الاناء :

يحمل هواء الزفير فضلات الجسم الغازيه التي تخرج عن طريق الرئتين ؛ فلا يصح اعادة تلك السموم التي تخلص منها الجسم بعد سلسله من العمليات الحيويه المعقده .. الى الجسم مره اخرى من خلال نفثها في كوب الماء .. يروى عن ابي قتاده ان رسول الله _صلى الله عليه وسلم _قال : اذا شرب احدكم فلا يتنفس في الاناء .. (متفق عليه) . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال :( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا ، وَيَقُولُ : إِنَّهُ أَرْوَى ، وَأَبْرَأُ ، وَأَمْرَأُ )[1]. قال أنس: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثاً. فيما  اتفق أهل العلم على كراهة أن يتنفس الشارب داخل إنائه ، فيصيب نفسه الماء الذي يشرب منه فيتقذر به ، و ورد النهي صريحا عن ذلك في حديث أبي قتادة رضي الله عنه ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ )[2].  


   [1] رواه مسلم (رقم/2028)   [2] رواه مسلم (رقم/267)   

والذي يظهر -والله أعلم- أن حديث أنس لا يقوى معناه على معارضة حديث أبي قتادة، والوجه الذي يُجمع به بين الحديثين ما سبق عن الإمام البخاري، بأن يُجعلَ التنفس المباح في حديث أنس خارج الإناء، والتنفس المنهي عنه في حديث أبي قتادة داخل الإناء.

وتفسير أهل العلم لحديث أنس هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يشرب ما يحتاجه من الماء على ثلاث دفعات ، فيشرب جزءا ، ثم يبعد الإناء عن فمه ليتنفس ويخرج زفيره خارج الإناء ، ثم يعود فيشرب جزءا آخر ، ثم يبعد الإناء عن فمه الشريف صلى الله عليه وسلم ، ليأخذ نفسا ثانيا كما فعل في المرة الأولى ، ثم يعود ليشرب الجزء الثالث حتى يرتوي ويأخذ حاجته من الشراب . فقول أنس رضي الله عنه في وصف شرب النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ( يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا ) يعني أنه كان يتنفس أثناء الشراب ، لكن إخراج هذا النفس إنما يكون خارج الإناء ، كما بين ذلك الإمام النووي رحمه الله ، ثم فسر رحمه الله معاني كلمات الحديث الأخرى فقال :( أروى ) من الرِّي : أي : أكثر رِّيا . ( وأبرأ ) أي : أبرأ من ألم العطش ، وقيل : ( أبرأ ) أي : أسلم من مرض أو أذى يحصل بسبب الشرب في نفَس واحد .( وأمرأ ) أي : أجمل انسياغا[1] . 


   [1] " شرح مسلم " (13/199)   

6.الشرب جالساً أو قائماً

انتشرت فرضيات غير مثبتة حول أضرار شرب الماء واقفا ؛ ورأي الشريعة والطب حول صحة الحديث النبوي، وموافقته للرأي العلمي، وشاع جدل في مواقع التواصل الاجتماعي تحدث فيه كثير من غير المتخصصين، ففيما يشدد البعض على أن شرب الماء بوضع الوقوف منهي عنه، ويسبب متاعب صحية عدة،  منها عسر الهضم بسبب الإضرار بأجزاء من المريء، و حدوث جروح في العضلة تربط المعدة بالمريء.  أما حين يشرب الإنسان وهو جالس فتكون عضلاته وأعصابه أكثر راحة، بخلاف ما يحدث أثناء الوقوف. ولذلك يتوجب على الإنسان أن يجلس قبل البدء في شرب الماء. وأن شرب الماء أثناء الجلوس يفتت أيضاً الحصوات، ويوصل الماء إلى الركبة، فيحافظ ذلك على سلامة المعدة.

[1] رواه مسلم (رقم/2028) [1] رواه مسلم (رقم/267) [1] " شرح مسلم " (13/199)

وكل هذه الادعاءات حول الفوائد الطبية لشرب الماء أثناء الجلوس ليس لها أي أساس علمي، إذ لا توجد حالياً أي أبحاث علمية أثبتت شئ من هذه الفرضيات، لا يوجود بحث علمي واحد يثبت مخاطر شرب الماء بوضع الوقوف . وإنما هي مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة، وحتى اللحظة لم تجرَ أبحاث علمية جادة بخصوص هذا الموضوع ، ومثل هذه الفرضيات قبل أن تثبت يجب أن تناقش في سلسلة من الأبحاث العلمية، ولا يكفي لإثباتها بحث علمي واحد.

ولكن يبدو أن لدى البعض حاجة مُلحة ؛ إذا ما وجدوا مدخلا دينيا تجاه قضية تتعلق بالصحة ؛ تدفعه لأن يقوم بتحليل الأمر وفق منظور طبي، ناسياً أو متناسياً ؛ أن هناك أحاديث، بعضها ضعيف وآخر منسوخ لا يصح الاستدلال بها. وربما تناول التفسير والنهي الديني لها تفسير آخر، وليس شرطاً أن تكون للأمر مضار طبية. ما جاء في السنة من حث على شرب الماء أثناء الجلوس قد تكون خلفه فوائد لا نعلم عنها، وقد ندركها في المستقبل . ولكن حتى الآن؛  لا يوجد أي تحفظ لدى الأطباء على طريقة الشرب، ولا توجد نصيحة طبية تقول إن على الشخص شرب الماء وهو جالس، وأن شرب الماء أثناء الوقوف يؤدي إلى مخاطر معينة بناء على حقائق علمية. الموضوع مازال غير محسوم ؛ وحتى الآن لم يثبت أي خطر في شرب الماء أثناء الوقوف على صحة الجسم.

والراجح أن شرب الماء واقفاً حكمه الجواز، وهناك أحاديث للرسول ﷺ  بأنه نهى وزجر من يشرب أثناء الوقوف، ومنها ما هو صحيح في البخاري ومسلم، وهناك أحاديث صحيحة أخرى تثبت أنه شرب قائماً. والسنة النبوية حثت على الشرب جالساً، ولكن حصل أن شرب الرسول ﷺ والصحابة وهم واقفون، مما يدل على أنه أمر مستحب فقط. والعلماء جمعوا بين هذه الروايات، وقالوا إن النهي هنا ليس للتحريم، وإنما للإرشاد ؛ فالنهي هنا للكراهة لا للتحريم.

7.البدء بسُقيا الآخرين أولاً 

ولأن التعاليم الإسلامية تتغلغل في أدق سلوكيات المسلم , فإن حدث تلقائي وبسيط  مثل شرب كوب من الماء يعد درساً تطبيقياً ؛ وفرصة لتثبيت قيمة إنسانية عظيمة كالإيثار تعزز الإحساس بالمسؤولية عن الآخرين ؛ ولفتة اجتماعية وذوقية لطيفة تنعش أواصر المحبة . وإذ لم يرغب نبي الرحمة ﷺ في تضييع هذه المعاني الرائعة لحظة شرب الماء , علّمَنا إن كنا برفقة الآخرين أن نبدأ بسقياهم أولاً وأن نعرض عليهم الماء قبل أن نشرب . قال ﷺ: " إن ساقي القوم آخرهم شربا"  [1]رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. 


   [1] رواه مسلم أخرجه أبو داود، كتاب الأشربة، باب في الساقي متى يشرب (3/ 338)، رقم: (3725)، والترمذي، أبواب الأشربة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء أن ساقي القوم آخرهم شرباً (4/ 307)، رقم: (1894)، وابن ماجه، كتاب الأشربة، باب ساقي القوم آخرهم شرباً (2/ 1135)، رقم: (3434 ).   

وورد فيه أيضاً غير هذا الحديث، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه  لما دعا رسول الله ﷺ أهل الصُّفة ليشربوا من اللبن في القصة المشهورة المعروفة. فقال أبو هريرة رضي الله عنه  في نفسه ما قال، ماذا عسى أن يكفي هذا اللبن، أو القدح من اللبن، وأهل الصفة كثير، عشرات، يزيدون وينقصون، ولما أداره عليهم قال له النبي ﷺ: اشرب أبا هِر، فشرب، ثم قال له ثانية وثالثة، حتى قال: والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً[1]. 


   [1] أخرجه الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ﷺ (4/ 648)، رقم: (2477).   

فالشاهد أن النبي ﷺ جعله هو الآخِر، وهذا أدب من آداب الضيافة، وذكر بعض أهل العلم أنه يلحق به ما في معناه من الطعام والشراب، أي: أن الذي يدير الطعام والشراب على الناس أنه يتأخر عنهم، يدير عليهم التمر، أو الحلوى، أو نحو ذلك، يتأخر. وهذا الأدب

[1] رواه مسلم أخرجه أبو داود، كتاب الأشربة، باب في الساقي متى يشرب (3/ 338)، رقم: (3725)، والترمذي، أبواب الأشربة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء أن ساقي القوم آخرهم شرباً (4/ 307)، رقم: (1894)، وابن ماجه، كتاب الأشربة، باب ساقي القوم آخرهم شرباً (2/ 1135)، رقم: (3434 ).

[1] أخرجه الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ﷺ (4/ 648)، رقم: (2477).

لا زال معروفاً عند الناس إلى اليوم أن الذي يقدم للناس يتأخر عنهم، وذلك لاشتغاله بإكرامهم، فيقدمهم على نفسه، وهذا هو اللائق، وخلاف ذلك يدل على الشره والحرص، وهي أمور مذمومة، إذا كان الذي يبذل للناس يبدأ بنفسه، فمثل هذا ما يليق.

8.حمد الله بعد الانتهاء من الشرب 

وأخيرا .. لا تنس أن تحمد الله تعالى على هذه الشربه . احمد الله عز وجل على هذه النعمة حيث يسر له هذا الماء ، مع أنه لا أحد يستطيع أن ييسره ، كما قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) [1]، ولولا أن الله يسر لك الماء فأنزله من المزن وسلكه ينابيع في الأرض حتى استخرجته لما حصل لك هذا ، ولهذا قال تعالى في الماء: ( لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) [2]، ولهذا كان من شكر النعمة أن تحمد الله إذا انتهيت من الشرب ، و هذا الشكر يكون سبباً لرضا الله عنك . وفي هذا دليل على أن رضا الله ـ عز وجل ـ قد يُنال بأدنى سبب ، قد يُنال بهذا السبب اليسير ولله الحمد . فيرضى الله عن الإنسان إذا انتهى من الشرب فقال : الحمد لله ؛ فاحمد الله كي يرضى الله تعالى عنك ويزيدك من نعمه ولا شك أن من أجلّها " نعمة الماء"!! 


   [1]  ]الواقعة :86،96 [   [2]  ]الواقعة:70  [                    

يقول الرسول الأعظم ﷺ  :" إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا"[1]. قال الإمام النَّوَوِيّ في "شرح صحيح مسلم": وَفِيهِ : اِسْتِحْبَاب حَمْد اللَّه تَعَالَى عَقِب الْأَكْل وَالشُّرْب . إن من الآداب النبوية عقب الانتهاء من شرب الماء؛ وَقَدْ جَاءَ فِي الْبُخَارِيّ صِفَة التَّحْمِيد ( الْحَمْد لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْر مَكْفِيّ وَلَا مُودَع وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبّنَا ) وَجَاءَ غَيْر ذَلِكَ وَلَوْ اِقْتَصَرَ عَلَى الْحَمْد لِلَّهِ حَصَّلَ أَصْلَ السُّنَّة.  


   [1] أخرجه مسلم (4/2095 ، رقم 2734) ،وابن أبى شيبة (5/138 ، رقم 24499) ، وأحمد (3/100 ، رقم 11992) ، وهناد فى الزهد (2/399 ، رقم 775) ، والترمذى (4/265 ، رقم 1816)  وقال : حسن . والنسائى فى الكبرى (4/202 ، رقم 6899) . وأخرجه أيضًا : أبو يعلى (7/298 ، رقم 4332) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (5/124 ، رقم 6046) ، والقضاعى (2/160 ، رقم 1098) ، والديلمى (1/159 ، رقم 588) .   

توجيهات نبوية .. وحقائق علمية 

أليس من المدهش حقاً أن نلاحظ ذلك التوافق الكبير بين القواعد الصحية لشرب الماء؛ والآداب الفعلية والقولية  التي وردت في هدي النبي ﷺ في تناول شربة الماء !! إننا بالرجوع إلى الهدي النبوي وما صح عنه ﷺ فيما يتعلق بشرب الماء , نشعر وكأن يدا كريمة تمتد إلينا عبر ما يزيد عن الأربعمائة عام بعد الألف بكوب من الماء الصحي الهنيئ .. وهي من جهةِ أخرى ؛ تشير في مجموعها إشارة واضحة إلى المعرفة العميقة لرسول الله ﷺ  في صحة البدن ؛ وصحة القلب ؛ وصحة المجتمع ؛ فكم وكم في السنة النبوية من قواعد صحية سامية ؛ وفنون ذوقية راقية سبقت القواعد الصحية والاجتماعية التي توصلت إليها البحوث والتجارب المعاصرة منذ عصور وعصور ؟!!

ألا يجدر بنا اتباع تلك الإرشادات والوصايا, إن لم يكن على سبيل حفظ الصحة فليكن على سبيل التبرك والإقتداء وطلب المثوبة؛  وفي كلٍ خير ؛ مصداقا لقول الله جل وعلا " ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)[1] .  


   [1] [الأحزاب 21]   

[1]  ]الواقعة :86،96 [ [1]  ]الواقعة:70  [                 [1] أخرجه مسلم (4/2095 ، رقم 2734) ،وابن أبى شيبة (5/138 ، رقم 24499) ، وأحمد (3/100 ، رقم 11992) ، وهناد فى الزهد (2/399 ، رقم 775) ، والترمذى (4/265 ، رقم 1816)  وقال : حسن . والنسائى فى الكبرى (4/202 ، رقم 6899) . وأخرجه أيضًا : أبو يعلى (7/298 ، رقم 4332) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (5/124 ، رقم 6046) ، والقضاعى (2/160 ، رقم 1098) ، والديلمى (1/159 ، رقم 588) . [1] [الأحزاب 21]

تم عمل هذا الموقع بواسطة